الاثنين، 3 ديسمبر 2018

الصفى بن العسال


       سِيَر من التراث العربى المسيحى
10-    الصًّفى بن العسّال... مؤلف المجموع الصفوى
عماد توماس

من هو الصفى بن العسّال؟
وُلد الصفى بن العسّال على الأرجح فى النصف الثانى من القرن الثانى عشر، فى عهد الدولة الأيوبية. واعتبره البعض منهم المستشرق الألمانى جورج جراف البكر بين إخوته ، بينما اعتبره آخرون أصغرهم منهم المؤرخة ايريس حبيب المصرى . وفى كل الأحوال اتفق الباحثين على أنه مولودا من الزواج الأول لأبيه .
يعتقد البعض أن الصفى كان يعمل كاتب فى ديوان الجيش فى الدولة الأيوبية، فيما يعتقد الأب وديع الفرنسيسكانى أن هؤلاء خلطوا بين الصفى وبين الأمجد أخيه، فأعطوا منصب الثانى للأول. ويظن البعض أنه قريب الأب بطرس السدمنتى . قام برحلات خارج مصر ، فقابل الفرنج ولا يخفى إعجابه بحضارتهم ولا سيما فى نجارة الخشب وصياغة الفضة والذهب عند الفرنج ويشير إلى وجود مخطوط لديهم يجمع الكتب العتيقة والحديثة فى عشرة كتب قيمتها 100 دينار. 



دور الصفى الكنسى
فى الأغلب كما يرى وديع الفرنسيسكانى أن الصفى كان شماسًا ولم يكن كاهنا ولا أسقفا. ولا نعرف إن كان متزوجا أم لا ، وقام بدور بارز ككاتب لسينودس (مجمع) كنيسة حارة زويلة. الذى عقد عام 1238م. أما فى سينودس القلعة، الذى عقد عام 1240م فقد قام بدور الكاتب يوساب أسقف فوة. ولا يستبعد إشتراك الصفى فى ذلك المجمع كأحد أعيان الأقباط .
مؤلفات الصفى بن العسّال
تتميز مؤلفات الصفى بالتنوع والكثرة، وقد حظى أكثرها بالنشر. وأول قائمة حقيقية لمؤلفات الصفى نجدها فى كتاب مصباح الظلمة لأبى البركات وفى العصر الحديث قائمة مالون وهو لا يضيف على قائمة أبى البركات إلا كتاب "فصول مختصرة" والقائمة الأكمل والأدق لكتب الصفى وضعها جورج جراف. وحظت معظم كتب الصفى بالنشر خاصة كتابه "مجموع القوانين"  ويتميز أسلوب الصفى بالسهولة والسلاسة والدقة والإيجاز. ويمكن تقسيم كتب الصفى إلى عقائد ودفاعيات، قانون ، خطب ورسائل، مختصرات.
أولا : العقائدية والدفاعية :
وتشمل: كتاب "فصول مختصرة فى التثليث والتوحيد"،  صنفها فى القاهرة سنة 1274م منها نسخة فى مكتبة باريس ومكتبة الفاتيكان . وقد وضعت هذه المقالة سنة 1242م، ويتناول نصفها الأول التثليث، والثانى الإتحاد.
- كتاب "الصحائح فى الرد على النصائح" (ويروى الصحاح فى جواب النصاح)، وهو رد على أحد المسلمين يدعى أبا القاسم المعروف بابن سيد الكل المتوفى فى سنة 697 هجرية صاحب نصائح المفترضة فى فضائح الرافضة. ويقدم لويس شيخو وصفا شاملا لهذا الكتاب بأنه مجلد تجليدا حديثا بجلد وورق ذى ألوان طوله 34 سم ونصف وعرضه 17 سم. صفحاته 444 وفى كل صفحة 15 سطرا مكتوب بخط نسخى حديث فى غاية الجلاء. ويشمل هذا الكتاب على كتاب "الإيضاح على كتاب الصحاح".
- كتاب "نهج السبيل فى الرد على من قدح فى الانجيل"، وهو رد على كتاب ابن تيمية "تخجيل من حرف الانجيل"، ويوجد فى نفس المكتبتين السابق ذكرهما . وقد وضعه إجابة إلى ملتمس بطركه الاسكندرى لتفنيد مزاعم كتاب "تخجيل محرفى الانجيل" وقد جعله خمس أقسام على حسب القواعد الخمس التى يزيفها فى كتاب الخصم ودعاه كتاب " نهج السبيل" .

ثانيا : العلوم القانونية
وتشمل أهم وأشهر كتاب وهو "المجموع الصفوى"، الذى يشتمل على 51 بابا على قسمين : القسم الأول : يشمل 22 بابا ويختص بأمور كنسية يتحدث فيها عن الكنيسة، ودرجات الإكليروس، والرهبنة، والعماد، والقداس والقربان، والعبادة من صوم إلى صلاة ونصائح للعلمانيين. أما القسم الثانى  فيشمل الأبواب الباقية من 23 إلى 51 ويختص بالمعاملات. وأهم ما فيه الموضوعات الخاصة بالزواج والطلاق والمعاملات المالية كالبيع والإيجار والقرض والميراث والشركة..الخ وبعض الموضوعات الإجتماعية كالمآكل والملابس والصنائع وعقوبات عن خطايا كالزنا والسرقة والقتل . وترجم إلى الحبشية فى القرن السادس، ودعى قانون الملوك، وطبقوه فى أمور الكنيسة والدولة معا ولا يزال معمولا به حتى الآن . وقد قدم القمص صليب سوريال نقدا لاذعًا على مصادر العسّال القانونية فى هذا الكتاب
له أيضا كتاب قام بجمعه يدعى "القوانين" وزاد عليه بعض الشئ من عندياته فجاء كتابا وافيا لإحتياجات الأمة القبطية الدينية والأدبية. بالاضافة الى  كتاب "قوانين آبائنا الرسل"، ألفه سنة 1239م . و كتاب "فى كلندار الكنيسة وتطبيقة مع العلوم الفلكية"،  فى لندن والفاتيكان. وهذا الكتاب يدعى فى مكتبة الأقباط فى مصر مجموع التواريخ لعلماء القبط. وكتاب "الفردوس" فى مكتبة باريس، طبع فى مصر تحت عنوان  "الفردوس العقلى" سنة 1912م.
ثانيا : المواعظ والخطب
وتشمل مواعظ وخطب طقسية ونماذج تقليدات ومدائج وكتاب من الشيخ الصفى بن العسّال للبطريرك أنبا كيرلس عندما صار بطريركا على المدينة العظمى الاسكندرية. وكتاب من الشيخ الصفى بن العسّال لأخيه المؤتمن تعزية فى وفاة زوجته . وكتاب "خطب بيعية" طبعه فى مصر سنة 1887م القمص ميخائيل الشبلنجى . وكيل وقف القيامة. هذا الكتاب يحوي اثنين وعشرون خطبه للعلامة الصفي بن العسّال، إذ يجمع خطب الأعياد السيدية وأحاد الصوم الإلهية وخطب أكاليل وصور تقاليد للأساقفة والكهنة والشمامسة وصور رسائل نادرة الوجود، عن مخطوط يعود سنة 930 للشهداء أعده للطباعة وشرح ألفاظه اللغوية القمص ميخائيل الشبلنجي وكيل وقف القيامة في المحروسة.

رابعا : المختصرات
كان الصفى واسع الإطلاع عميق المعرفة فى كل العلوم التى كتب فيها ويظهر هذا من مؤلفاته، وكان يحول كثير من الكتب التى كان يقرأها إلى مختصرات سهلة الفهم لفائدته الشخصية وفائدة كل من يطلع عليها. وجعل الصفى من هذه المختصرات التى قام بها فنا واسلوبا أدبيا يتميز به .
ترك الصفى مجموعة كبيرة من المختصرات لمؤلفات أبائية ولكتاب عرب مسيحيين أهمهم يحيى بن عدى المتوفى سنة 974م منها الميتافزيقا والأخلاق، وصحة الإنجيل، وتفسير بعض النصوص الإنجيلية، والتوحيد والتثليث، والتجسد وغيرها. ومختصر تسعين عظة للقديس يوحنا ذهبى الفم على إنجيل يوحنا، مختصر لعظات القديس يوحنا على إنجيل متى، ومختصر 31 ميمر من سلم يوحنا الدرجى وقد نشرها الارشيدياكون حبيب جرجس سنة 1946م، ومختصر أحكام الفصول المائة لديادوخيوس الفوتيكى، مختصر 35 فصلا حول الحياة الرهبانية لاسحاق أسقف نينوى، مختصر  الفردوس العقلى، مختصر أقوال الآباء الرهبان القديسين، مختصر 52 ميمر لمارافرام السريانى...الخ .
تاريخ وفاة الصفى
يرى جورج جراف أن الصفى توفى ما بين سنة 1253 وسنة 1260م على إعتبار أن سنة 1253م كان الصفى لديه  نسخة من الترجمة التى أنهاها أخيه الأسعد للأناجيل الأربعة فى عام 1253م. وعام 1260 كان أخيه المؤتمن قد انتهى من كتابه "مجموع أصول الدين ومسموع محصول اليقين"، فيما يرى وديع الفرنسيسكانى أن الصفى توفى قبل عام 1275م وهو تاريخ الإنتهاء من كتاب المؤتمن حيث كتب الصفى رسالة تعزية إلى أخيه المؤتمن فى وفاة زوجته .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق