الخميس، 4 أبريل 2019

15- ابن كاتب قيصر...واضع قواعد اللغة القبطيّة


سِيَر من التراث العربى المسيحى
15-    ابن كاتب قيصر...واضع قواعد اللغة القبطيّة
عماد توماس


فى شهر مارس الماضى، أضافت شركة جوجل الحروف القبطية إلى تطبيق لوحة مفاتيح "جي بورد" افتراضية تعمل على نظام اندرويد الخاص بها، وذلك ضمن التحديث الأخير الذي شمل أضافة 60 لغة. وهى أول مرة يتم فيها إضافة الحروف القبطية بشكل رسمي للوحة مفاتيح افتراضية، حيث سيتمكن مستخدمو "جي بورد" من الكتابة باللغة القبطية.


ولعل سيرة شخصيتنا هذا الشهر " ابن كاتب قيصر" هو من أوائل من وضع مقدمة في قواعد اللغة القبطيّة فى القرن الثالث عشر المعروفة بكتاب "التبصرة في أصول اللغة القبطية" وتوجد نسخة منه في مكتبة باريس الأهلية. وهذه المقدمة هى التى حافظت حتى الآن على وجود اللغة القبطية التى تستخدم فى الكنيسة القبطية والفضل فى ذلك يعود إلى ابن كاتب قيصر .

من هو بن كاتب قيصر؟
بن كاتب قيصر هو ابن كاتب الأمير عَلَم الدين قيصر. هو الرئيس الأوحد علم الرئاسة أبو اسحق إبراهيم ابن الشيخ الرئيس أبى الثناء ابن الشيخ صفى الدولة كاتب الأمير علم الدين قيصر . والمعروف باسم بن كاتب قيصر او كاتب الامير علم الدين قيصر .
المعلومات عن ابن كاتب قيصر ليست كثيرة،  لكنه كان سليل أسرة عريقة وغنية. وكان ملما باللغة العربية وفروعها، والعلوم الفلسفية والمنطقية واللاهوتية ومتبحرا في اللغات اليونانية والقبطية والعبرانية. عاش فى أوساط القرن الثالث عشر ، وهو العصر الذهبى لأساطين الأقباط، وهو العصر الذى شهد انتهاء الحكم الأيوبى وبدايات العصر المملوكى والذى كان وبالا على الأقباط والمسلمين على حد سواء. وكان معاصرا لأولاد العسال ولحق أيام ابن الراهب، ولكن لم يذكره إلا أولاد العسال.

وفى كتاب "التبصرة  يسمى "الشيخ العالم" وابن الدهيرى يقول عنه "عَلَم الرئاسة ابن كاتب قيصر"، وأما سبب تلقيبه بابن كاتب قيصر فلأن أباه صفى الدولة كان كاتب الأمير عَلَم الدين قيصر، وقد ورد اسمه فى كتاب الإعلام للزركلى الدمشقى " علم الدين قيصر بن ابى القاسم عبر الغنى الاسفونى الملقب بتعاسيف، وهو عالم رياضى مهندس ولد باسفون من صعيد مصر (قرب اسنا) وأقام زمنا فى حماة بسوريا ، فخدم صاحبها محمود المظفر وبنى له أبراجا فلكية وطاحونا على نهر العاصى نُـقش فيها صورة أسد ناتئة فى حجر، وحجز الماء بحواحز ليعلم اصحاب الاريحية فى حماة سير أرحيتهم إذا طفى النهر، فمتى غُمر الأسد بالماء لم يتقى رحى دائرة، ومتى غاص عنه الماء مشت الأريحية، ولاتزال آثار هذا البناء باقية إلى الأن تسمى (الغزاله) ، وصنع للمظفر ايضا كرة من الخشب مدهونه رُسم عليها جميع الكواكب المرصودة.

مؤلفاته
التبصرة فى أصول اللغة القبطية
أشهر كتبه التى رصدها لويس شيخو هو كتاب مقدمة فى النحو القبطى دعاها "التبصرة فى أصول اللغة القبطية" يوجد منه عدة نسخ فى مكتبات متاحف روما وباريس ولندن واكسفورد وفى مكتبة المتحف القبطى فى مصر . ويعتبر كتابه التبصرة (كتاب النحو) رغم ما ناله من ثناء فهو ليس إلا تنقيحا لقواعد يوحنا السمنودي.

تفسير سفر الرؤيا
يقدم لنا ابن كاتب قيصر تفسير لسفر الرؤيا معتمدا بدرجة كبيرة على مدرسة التفسير الحرفى، حينما لا يتطلب طبيعة النص تفسيرا آخر لكونه نص نبويا و مجازيا . فثمة من ذهب إلى أن المرأة تمثل رمزا لمريم العذراء، فى حين اعتبرها بعضهم رمزا للكنيسة، واعتبروا الشمس رمزا للمسيح، شمس البر والقمر تحت رجليها رمزا لـ "يوحنا المعندان" أما الكواكب الإثنى عشر التى ترصع الإكليل الذى على رأسها فعدوها رمزا لرسل المسيح الاثنى عشر" . وفسر ابن قيصر  "لرواح السبعة" برؤساء الملائكة السبعة" و "الاربعة والعشرون شيخا" بالانبياء الكبار الاثنا عشر والانبياء الصغار لاثنا عشر. وامائة والاربعة وعشرون الفا المختومين" بالجموع غير المحصاة الذين يوسمون بعلامات روحية وجسدية وهى من جهة الايمان والرسالة والنبوة والمهنوت والعلم ومن جهة اخرى، البتولية والاستشهاد والصبر فى احتمال الاضطهاد.و الوحشان كصورة لضد المسيح ولا يقدم تفسيرا واضحا لرقم الوحش (666) والقيمة العددية له لكنه يرفض ما قاله هيبوليتس وبولس البوشى لانه يعتبر ان الوحش سيظهر فى آخر الازمنة. ولا تشي بابل "المدينة العظيمة" الى مكان محدد، كما لا تشير "الالف سنة التى للمُلك" الى زمن معين .

تفسير الرسائل وأعمال الرسل
رغم أن مخطوط الفاتيكان (عربى 43) الذى يحتوى على تفسير رسائل بولس والرسائل الجامعة وسفر أعمال الرسل، بدون اسم المؤلف، إلا أن الأب اثناسيوس المقارى يعتقد أن المقارنة بين هذا التفسير وتفسير الرؤيا لابن كاتب قيصر، تشير إلى تقاربهما، ويدفعنا إلى الإعتقاد بل إلى اليقين بأن مؤلفا واحدا هو الذى كتب الكتابين. إذ نجد نفس الطريقة فى عرض النقد النصى بالرجوع إلى الأصل اليونانى، وخاصة إلى النص القبطى.  كما نتبين نفس الميل إلى شرح الكلمات عن طريق علم النحو. وأخيرا نلاحظ ذات الطريقة إلى الإستعارة من المفسرين الآخرين وشروحاتهم (مثل شروحات وتفسير الوجيه القليوبى)، بالإضافة إلى نقل نقاطا عديدة عن شرح سفر الرؤيا. وفى تفسير سفر رومية يستخدمه ابن كبر لغة تقليدية، وجُملا مُقفاة، ويعود إلى النص العربى المتداول والمعروف فى مصر فى ذلك الوقت. وعند استخدامه للترجمة القبطية فانه يستند إلى مخطوط أعده القس يعقوب الناسخ ابن اخت المطران بطرس ابن الخبَّار عن نسخة عثر عليها فى دير الأنبا انطونيوس وهو يعتبر من أفضل مترجمى النص القبطى .

مؤلفات أخرى
ينسب جرجس فيلوثاوس  كتاب "شرح إنجيل متى"  إلى ابن كاتب قيصر.فيما يشير المؤتمن ابن العسال إلى مجموعة من "المقتطفات" أعدها ابن قيصر من دفاع يحيى بن عدى فى رده على بى عيسى الوراق تحت عنوان "أصل الرد والجواب". كما يلفت المؤتمن الإنتباه فى كتابه "مجموع أصول الدين ومسموع محصول اليقين" إلى مقالة عن "الاعتراف" ينسبها إلى ابن كاتب قيصر .


وفاته
أغلب الظن أن إبن كاتب قيصر توفى فى دمشق عام  1260م أو بعد ذلك، لأنه توقف عن تفسير سفر الرؤيا فى هذه السنة عند 20 إصحاحا فقط.



هناك تعليق واحد: