الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

تحديات الحوار العربى – الأوربى



عماد توماس
emadtomas@gmail.com

بدعوة من منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الإجتماعية بالقاهرة، شاركت فى حضور مؤتمر الحوار العربي الأوربى السابع، تحت شعار "فرص وتحديات العيش المشترك"، فى الفترة من 14 إلى 17 من شهر أكتوبر 2019م.



تناول المؤتمر قضايا الحوار الديني والتعددية الدينية والعنف المذهبي ودور الإعلام وحقوق الإنسان والتعليم  بمشاركة ٣٠ قيادة ثقافية وأكاديمية ودينية من أوروبا والوطن العربي، ومن أبرز الدول المشاركة: ألمانيا، السويد، روسيا، اليونان، هولندا، السعودية، لبنان، الأردن، العراق، المغرب، فلسطين ومصر.
 وأتناول فى هذا المقال بعض الخواطر التى راودتنى خلال فعاليات المؤتمر:

جدوى الحوار
لا يجب أن يكون الحوار كرد فعل أو نتيجة لصيحات أو دعوات من هنا أو هناك، فالحوار الناجح ينبع من الضمير الإنسانى الحى، الذى يؤمن بقيمة الأصل الانسانى الواحد، وحتمية العيش معا.
الحوار مع الغرب، يجب أن يبنى على العقلانية والمنطق وليس العواطف والمشاعر الجياشة، فعلماء التسويق يخبرونا أن هناك فرق بين التسويق الاجتماعى والدعاية، الأولى تعتمد على المصداقية والمنطق والثانية على المشاعر وأحيانا الأكاذيب.
الحوار الجاد يجب أن يُنحى الدين جانبًا، فأنت لست متحدثا باسم الله ولا مدافعا عن الدين، فالدين له رب يحميه، صحيح أن الدين مكون أساسى عند العرب، إلا أنه ليس كذلك فى الغرب،  لذلك يجب أن ينطلق الحوار من القيم الإنسانية المشتركة دون إستعلاء أصحاب دين عن الدين الأخر. ويجب أن ينطلق الحوار كقيمة وطنية، فالوطن والعيش المشترك بين الشعوب يمثل القيمة العظمى للمتحاورين.

العيش المشترك
العيش المشترك أصبح ضرورة إنسانية بين الشعوب، فلا يمكن للإنسان أن يعيش بمعزل عن أخيه الانسان، فالإنسان صديق من يعرف وعدو ما يجهل. ويتطلب العيش المشترك كسر هواجس الخوف والرهبة من عدم معرفة الأخر وإحترام الأخر كما هو وليس كما أريد أن يكون، فالعيش المشترك لايعنى فقط قبول الآخر كأنى أتفضل عليه بل يعنى إحترامه كإنسان كواجب وضرورة إنسانية.
إن معرفة الأخر حق معرفته، تؤدى إلى التكامل وليس التشتت، فالآخر مصدر غنى وثراء عندما نطرد من عقولنا الصورة الذهنية السلبية التى تكونت لدينا عنه عبر السنين، فنحن لم نصنع هذ التاريخ المؤسف من إنقسامات وكراهية أدت إلى الحروب الدينية عبر التاريخ. إن روعة المجتمع لا أن يكون مجتمعًا متجانسًا فى الدين والعرق واللون، لكن أن يكون متنوعًا فروعة البستان الواحد فى تنوع زهوره وقوة الفريق الواحد فى تعدد وتنوع أفراده وتكاملهم.

الإعلام
لاشك أن الاعلام العربى يعانى من فوضى فى أخلاقيات الممارسة الإعلامية، والتى تتجلى فى إنتهاك الخصوصية بنشر وإذاعة أمور شخصية لا تتعلق بالقضية المطروحة، بجانب عدم الدقة والموضوعية فى تناول القضايا والإنحياز الواضح لوجهة النظر الرسمية وعدم إتاحة المجال لأصوات معارضة تعبر عن رأيها. ناهيك عن إنتشار الشائعات عبر منصات التواصل الإجتماعى التى تجد رواجًا فى ظل غياب المعلومات الصحيحة، بالإضافة إلى لغة الحوار اللاذعة التى تتهكم وتسخر من الآخر المغاير.

حقوق الإنسان
لم تعد حقوق الانسان مسألة محلية تتعلق بدولة معينة، لكنها منذ الإعلان العالمى لحقوق الانسان عام 1948م والذى شارك فى صياغته من العرب شارل مالك من لبنان، أصبحت حقوق الإنسان عالمية، آى يلتزم بها جميع البشر فى جميع الدول بصرف النظر عن الدين أو العرق أو النوع أو اللون.
فالتعددية الدينية وحرية الاعتقاد جزء لا يتجزا من كرامة الإنسان فى أن يعتنق مايشاء فمن حقك أن تعبد الحجر لكن لا ترمى أحد به. كما أن معايير حقوق الانسان قانونية وليست دينية، ويجب أن تحترمها سواء أحببتها أو لا، فالقانون يعنى العدل والمساواة، وقديما عبر القدماء المصريين عن الحق والعدل والنظام في الكون بالألهة ماعت ، التى تمثل بهيئة سيدة تعلو رأسها ريشة النعام رمز العدالة، وتمسك فى أحد يديها بمفتاح الحياة  واليد الأخرى تمسك صولجان الحكم.

التطرف الدينى
بين تطرف الإسلام السياسى والإسلاموفوبيا، تنطلق المخاوف والهواجس فى التعميم وإصدار أحكام مطلقة على مجموعات بشرية أو دول.  فليس من المنطقى وصف دين معين أو دولة معينة أو شعب معين بالتطرف، فالتعميم يفقد مصداقية وعدالة القضية، فلا يجب أن يكون الدين جزء من المشكلة بل جزء من الحل. وعلى رجال الدين مسؤلية كبيرة فى نزع خطاب الكراهية نحو الآخر، وتقديم خطاب دينى مبنى على تعزيز التنوع والمواطنة المشتركة. فالتطرف التطرف الدينى ينبع من التمييز وعدم العدالة وعدم تكافؤ الفرص ، والأخطر ان يكون هذا التمييز برعاية رسمية!!.

يبقى أن نحيى منتدى حوار الثقافات بالهيئة الإنجيلية، على تنظيم هذا المؤتمر، وإتاحة فرصة الحوار والمناقشة بدون أجندة مخفية أو توجيهات مسبقة للمشاركين فيه.



نشر هذا المقال بجريدة الطريق - عدد نوفمبر 2019

هناك تعليق واحد:

  1. The 10 best casino in California for players, experts, games
    The 10 best 시흥 출장마사지 casino 통영 출장안마 in California for players, experts, games, and 구리 출장마사지 more. The 10 best casino in 구리 출장안마 California for players, experts, games, and 계룡 출장마사지 more.

    ردحذف