السبت، 7 ديسمبر 2019

محنة التعليم اللاهوتى فى مصر



بقلم: عماد توماس

يعانى التعليم المدنى فى مصر من تحديات عديدة، ويمر بمحنة شديدة، فمستوى التعليم يتراجع عالميا، وسوق العمل لا يستوعب الخريجين، فى ظل ضعف كفاءة الخريجين، وعدم توافق سوق العمل مع ما يتعلمه الطلاب، وضعف المقابل المادى للمعلمين.


والتعليم اللاهوتى ليس بمعزل عن التعليم المدنى، فمن يلتحق بالتعليم اللاهوتى سبق له الالتحاق بالتعليم المدنى، فهو بالضرورة يتاثر به و جزء منه ونتاج له لذلك فالتعليم اللاهوتى أيضا يمر بمحنة نحاول هنا وضع ملامحها ووضع حلول لها.

تحديات أساسية
من التحديات الخاصة بالتعليم اللاهوتى : نقص قواعد البيانات التفصيلية عن عدد ومستوى الطلاب المنخرطين فى التعليم اللاهوتى، مدى قدرة المناهج التعليمية على مواكبة العصر فى تخريج طلاب قادرين على التأثير فى المجتمع الذي ينتمون له، ومدى كفاءة الأساتذة والدرجات العلمية الحاصلين عليها، مدى ملائمة مكان الدراسة من توفير بيئة تعليمية مناسبة للدراسة ، وأثر كل ذلك فى دعم اتخاذ القرار.

ناهيك عن الأمية الرقمية لبعض المعلمين بالإضافة إلى ضعف نظم التقويم والمتابعة والحوافز وغياب نظام مؤسسى متكامل للمتابعة والتقويم القائم على النتائج وضعف المناهج التعليمية وتأخر تحديثها وتكاملها وغيرها من التحديات.

مسألة تحديث وتطويرالمناهج التعليمية أصبحت أمرا لابد منه، فالعلوم الإنسانية تتطور وتتغير فى العالم بسرعة مذهلة، وأصبحت مناهج مثل الذكاء الاصطناعى وانترنت الأشياء والتكنولوجيا ضرورة عملية وعلمية لخريج متواكب ومعاصر لما يحدث حوله فى العالم من متغيرات، فما فائدة علم اللاهوت إذا لم يتفاعل مع الواقع الذى يعيش فيه.

ولعلى هذا يدفعنى للتساؤل عن ماذا استفادت الكنيسة المصرية من خريجى كليات اللاهوت عبر تاريخها؟ لماذا لا يكون هناك الزام على الإستعانة بخريجى كليات اللاهوت فى كنائسهم المحلية كمساعدين للرعاه دون تفرغ منهم، فما فائدة دراسة أربع سنوات إن لم تعود بالنفع روحيا وعمليا على الشخص وعلى كنيسته المحلية وعلى مجتمعه.

هناك ضعف واضح فى مستوى بعض الخريجين فهل يعقل أن خريج كلية لاهوت درس لمدة أربع سنوات ولا يجيد كتابة بحث علمى بطريقة منهجية، ناهيك عن القدرة على التفكير النقدى بعيدا عن الحفظ والتلقين!!

كما يجب على كليات اللاهوت تشجيع المعلمين على استكمال دراستهم العلمية للحصول على درجات علمية أعلى وتكون شرطا لإستكمال التدريس فى الكلية.

كما يجب أن يكون هناك جهة علمية عليا متخصصة يكون مهمتها إعتماد البرامج اللاهوتية المتنوعة، قبل الشروع فى تدريسها، وأن تحدد معايير محددة للمقبولين فى هذه البرامج والقائمين بالتدريس.

التحول الرقمى
لم يعد التحول الرقمى والتعليم الألكترونى ترفا نتحول إليه عندما نريد، بل أصبح فرضا واقعا ووسيلة ضرورية ووظيفية يجب الدخول فى غمارها فى أقرب وقت.

يتطلب التعليم الألكترونى مكونا تعليمى يتكون من الأساتذة والطلاب والإداريين والمناهج التعليمية والإمتحانات والمكتبة والمبنى. ومكون تكنولوجى من خلال منصات الكترونية لتحويل المناهج إلى رقمية والتفاعل مع الطلاب من خلال الإنترنت.

التحول الرقمى فى التعليم اللاهوتى، يتيح حرية وسهولة البحث العلمى من خلال منصات رقمية مجانية مفتوحة يمكن الإستفادة منها مثل: بنك المعرفة وموقع أكاديميا وجوجل سكولر.

الدولة بكافة مؤسساستها اليوم تتحول إلى كل ما هو رقمى، ومنظمة اليونسكو أصدرت توصيات إلى الجامعات فى العالم بتحويل المناهج إلى رقمية ومنع استخدام الورق. وبالفعل بدأت خمس جامعات مصرية منها القاهرة، عين شمس، أسيوط فى تنفيذ هذه التوصيات.  فهل آن الآوان أن يتحول التعليم اللاهوتى فى مصر إلى رقمى!!

الإعتماد
هل يصدق أحد أن كلية اللاهوت الإنجيلية بالعباسية بالقاهرة، والتى احتفلت منذ عدة سنوات بمرور 150 سنة على تأسيسها غير معتمدة من وزارة التعليم العالى !! هل من المعقول أن كلية تاريخها أعرق من أقدم جامعة مصرية وهى جامعة القاهرة لا تعترف بها الدولة !!

الكلية التى تعترف بها كليات العالم وأخرجت لنا علماء وأساتذة وشخصيات عامة لهم تأثير فعال فى مصر والعالم العربى نذكر منهم من الراحلين مثل : الدكتور القس الياس مقار، الدكتور القس صموئيل حبيب، الدكتور القس فايز فارس، الدكتور القس مكرم نجيب. هؤلاء وغيرهم لا تعترف بتعليمهم الدولة المصرية !!

هل يصدق أحد أن الدولة المصرية لا تعترف بالتعليم الدينى المسيحى بكافة طوائفة سواء خريجى الكلية الإكريليكية الأرثوذكسية أو كلية العلوم الإنسانية الكاثوليكية أو كليات اللاهوت الإنجيلية بكافة مذاهبها.
إن كاتب هذه السطور كان له تجارب مريرة فى هذا الشأن، فعندما حاولت التقدم فى الدراسات العليا بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية وعند التسجيل على الحاسب الآلى داخل الجامعة لم أجد كلية اللاهوت ضمن الكليات المسجلة على (السيستم) ووجدت كليات الأزهر متوفرة حتى أنى أضررت للتسجيل بشهادة الهندسة بجامعة القاهرة، رغم أن الهندسة ليست دراسة وثيقة الصلة بالدراسات الأدبية !!

كما أنك لو حصلت على منحة لاستكمال تعليمك فى دولة أجنبية فستعانى الأمرين عند اعتماد شهادتك فلن تعترف بشهادتك اللاهوتية الخارجية المصرية.
هل هذا مقبول فى دولة ينادى دستورها بالمساواة وتكافؤ الفرص؟

فى نهاية هذا المقال، أدعو الدكتور القس اندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية، للدعوة لمؤتمر عاجل للمسؤلين عن التعليم اللاهوتى فى مصر يكون على جدول أعماله إنشاء قاعدة بيانات واضحة للتعليم اللاهوتى فى مصر (الطلاب والأساتذة والمناهج) والإعلان عن خطة خمسية لتطوير التعليم اللاهوتى تتضمن المناهج والأساتذة، والخروج بتوصيات محددة من ناحية مسألة الإعتماد ترسل إلى  وزارة التعليم العالى والجهات المعنية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق